طفرة وراثية تعزز أسس تشخيص أورام الدماغ

    تعد أورام الجهاز العصبي المركزي أكثر الأورام الصلبة شيوعًا بين الأطفال.

تعد أورام الجهاز العصبي المركزي أكثر الأورام الصلبة شيوعًا بين الأطفال، نصفها ما ينشأ من خلايا غير عصبية تلعب دورًا هامًا في حماية وتنظيم نشاط الأعصاب، وتعرف بالخلايا الدبقية، وعليه تعرف تلك الفئة من الأورام بالأورام الدبقية.

وتقسم الأورام الدبقية تقليديًا إلى أورام دبقية منخفضة الدرجة ، وأخرى عالية الدرجة ، بناءً على الفحوصات النسيجية. وتحدد درجة الورم مدى عدوانيته ونسب الشفاء المحتملة، وعليه تعد الفحوصات النسيجية -الهستولوجية- إضافة إلى تحديد الموقع التشريحي للورم، خطوات أساسية لتحديد الخطة العلاجية.

من جهة أخرى، فإن التطور في التقنيات الجزيئية خلال العقود الماضية، كشف عن عدة مجموعات فرعية ضمن الأورام الدبقية، ليتم تضمين الفحوصات الجزيئية في آلية تصنيف أورام الجهاز العصبي المركزي.

ففي نسختها الأخيرة لتصنيف أورام الجهاز العصبي المركزي، اعتمدت منظمة الصحة العالمية – WHO طفرة جينية تحمل الاسم H3K27M، ضمن العلامات الهامة لتصنيف وتشخيص بعض الأورام الدبقية.

وتتسب تلك الطفرة في إحداث تغيير في مكان حساس من بروتين “هستون – Histone” النووي، لتخل بوظيفته الطبيعة في حفظ وتنظيم نشاط المادة الوراثية.

وعليه، قام فريق بحثي ببرنامج بيولوجيا الأورام بقيادة “شاهندة النجار” مدير إدارة البحث العلمي في مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، بالبحث عن تلك الطفرة ضمن 105 من عينات الورم الدماغية الدبقية المحفوظة بالمستشفى، والتي تم تقسيمها -وفق الفحوصات النسيجية- إلى أورام عالية الدرجة و أخرى منخفضة الدرجة.

ويوضح الباحثون في ورقتهم البحثية التي نشرت في 20 من مايو الجاري بدورية “Scientific reports”، أن الهدف من الدراسة هو تبيان مدى انتشار الطفرة، ودورها في تحديد مدى عدوانية المرض ومن ثم تأثيرها في تحديد الخيارات العلاجية الأنسب.

تشير “أمل مصعب” وهي باحث أول مشارك في الدراسة، أنه برغم أهمية الطفرة فإن قليل من البيانات يتوافر حول مدى انتشارها في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل، ومدى تأثيرها على مرضى الأورام الدماغية، و بناء عليه اختيار الخطط العلاجية الأكثر فعالية في ظل توافر موارد محدودة للتشخيص والعلاج.

وبينت النتائج، احتواء أكثر من ربع العينات على طفرة H3K27M، وارتبط وجودها بتطور أكثر عدوانية للمرض، رغم اختلاف موقع الورم أو درجته المبنية على الفحوصات النسيجية.

ويؤكد الباحثون على أهمية الطفرة بشكل خاص في الأورام التي صنفت نسيجيًا كمنخفضة الدرجة، حيث كان وسيط معدل النجاة الكلي للمرضى من حاملي الطفرة 17 شهرًا، بينما تجاوز 3 أعوام لدى نظرائهم من غير حاملي الطفرة ، رغم تشابه التشخيص النسيجي، والخطط العلاجية. و ذلك يؤكد دور الطفرة فلى زيادة عدوانية الورم.

تضيف “مصعب” أن الفحص الوراثي للطفرة يقدم طريقًا مختصرًا لمسؤولي الرعاية الصحية للوصول إلى تشخيص أدق، وتعزز حسن إدارة واستخدام الموارد الطبية المتوفرة.

يشدد الباحثون أن الفحص الجزيئي للطفرة يقدم تطابق مخاطر risk stratification أكثر دقًة للأورام الدبقية الدماغية، إلأ أن المزيد من الدراسات التي تتضمن عينات أوسع ومجموعات إثنية مختلفة هي ضرورة ملحة في المستقبل.

Journal reference: Mosaab, A., El-Ayadi, M., Khorshed, E., Amer, N., Refaat, A., El-Beltagy, M., Hassan, Z., Soror, S., Zaghloul, M. and El-Naggar, S., 2020. Histone H3K27M Mutation Overrides Histological Grading in Pediatric Gliomas. Scientific Reports, 10(1).

Photo credit: Karolin Luger, via Flicker