قراءة في المحتوى البروتيني لميكروب شديد المقاومة للمضادات الحيوية

تصنف منظمة الصحة العالمية “مقاومة المضادات الحيوية” كأحد أبرز المخاطر التي تهدد الصحة العالمية، حيث من المتوقع أن تؤدي الأمراض المقاومة للعقاقير، إلى أكثر من 10 ملايين حالة وفاة سنويًا بحلول عام 2050.

وقد تسارع نمو الميكروبات المقاومة في الآونة الأخيرة نتيجة الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، بما يهدد بانتشار العديد من الأمراض المعدية مثل السل والالتهاب الرئوي والسيلان، التي أصبح علاجها أكثر صعوبةً أو مستحيلًا، لعدم فعالية المضادات الحيوية التقليدية.

بهدف تقصي الآليات والميزات التي تمكن الميكروبات من مقاومة المضادات الحيوية الشائعة، قام فريق بحثي بمؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، بتحليل المحتوى البروتيني لبكتيريا “الكلبسية الرئوية – K. pneumoniae” المقاومة للمضادات الحيوية، ومقارنتها بنظيرتها الأقل مقاومة، بعد التعرف عليها باستخدام التحليلات الوراثية.

ووفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن “الكلبسية الرئوية” سبب رئيسي من أسباب الإصابة بالعدوى المكتسبة في المستشفيات، كالالتهاب الرئوي وحالات عدوى مجرى الدم وحالات العدوى التي تصيب المواليد والمرضى الذين يعالجون في وحدات العناية المركزة.

يشير “أحمد سيد” مدير برنامج الأبحاث الجينومية بمؤسسة 57357 أن التحليلات الوراثية أوضحت وجود 3 سلالات من تلك الجرثومة ضمن العينة المستخلصة، “إحداها يندر وجودها في مصر” على حد قوله.

وتتمثل إحدى سبل مقاومة “الكلبسية” في إفرازها لإنزيم “بيتا-لاكتاميز واسع المدى”، والذي يستطيع هضم وإبطال مفعول عدة أصناف من المضادات الحيوية من أبرزها “البنسلين”.

ومن ناحيته يوضح “سامح مجد الدين” مدير برنامج أبحاث البروتيومكس والباحث الرئيسي في الدراسة:” أن تحليل المحتوى البروتيني أو “تشخيص البروتيوم – Proteome profiling”، هو اختبار حديث يشخص بدقة وسرعة عاليتين أغلب البروتينات في العينات الحيوية”.

ويضيف “إن الغاية من مقارنة المحتوى البروتيني بين السلالات المختلفة، هو التعرف على البروتينات الفريدة لدى الأنواع عالية المقاومة للمضادات الحيوية -مثل تلك المفرزة لإنزيم بيتا-لاكتاميز واسع المدى -والتي قد تشكل أهدافًا مناسبة لعقاقير فعالة في المستقبل”.

وبينت نتائج الدراسة التي نشرت بتاريخ 25 من شهر يناير من العام الجاري في دورية “Microbiological Research”، وجود أكثر من 300 بروتين فريد في السلالة عالية المقاومة دون الأخرى، بينما تتشارك كل السلالتين في قرابة 900 بروتين آخر.

وكما توقع الباحثون، ارتبطت وظائف أغلب البروتينات الفريدة في السلالة الأكثر مقاومة، باستجابتها للمضادات الحيوية، ولمستويات الإجهاد الخلوي وانخفاض نسب الأكسجين، وهو ما يزيد من عدوانيتها، وقدرتها على الإصابة بالمرض.

ومن ناحيته يؤكد “سيد” أنهم بصدد العمل على تحليل شامل لتتابعات الحمض النووي الخاصة بالميكروب، وهو ما قد يكشف مزيدًا من التفاصيل عن آلية تفاديها للعقاقير الشائعة.

ويشير “مجد الدين” أن النتائج التي توصل إليها فريقه البحثي هي نواة لأبحاث يمكن البناء عليها في سبيل مواجهة مقاومة الميكروبات التي تهدد شرائح واسعة، من أبرزها المرضى منقوصي المناعة مثل مرضى السرطان.