رسالة خفية قد تبرز هدفًا علاجيًا لورم جنيني

    تعد النواة بمثابة مركز بيانات كل العمليات الحيوية التي تجري داخل الخلية.

تعد النواة بمثابة مركز بيانات كل العمليات الحيوية التي تجري داخل الخلية. ففيها تنسخ شفرات الجينات إلى رسالة -متمثلة في الحمض النووي الريبوزي الرسول mRNA- لتخرج من ثقوب النواة باتجاه مصانع البروتينات في الخلية “الريبوسومات”، حاملة التعليمات الخاصة بتركيب البروتينات المحددة التي تحتاجها الخلية لأداء وظائفها.

إلا أن تلك الرسالة قد تحمل معاني متعددة، حيث يمكن تقطيعها وإعادة دمجها بطرق مختلفة، وبذلك قد تحمل شفرة جينية واحدة بيانات تصنيع أكثر من بروتين. وتعرف تلك العملية التي يتم فيها تعديل تكوين وترتيب شفرة الحمض النووي mRNA قبل ترجمته إلى بروتين، بعملية “التضفير البديل- Alternative Splicing”.

يعد “التضفير البديل” عملية طبيعية وهامة لخلايانا، حيث تمنحها مرونة إنتاج بروتينات بوظائف مختلفة من نفس الشفرة الجينية. إلا أن تلك المرونة قد تستغل من قبل الخلايا السرطانية في سبيل إنتاج بروتينات خاصة تمنحها القدرة على النمو والتكاثر، ولذلك فإن شذوذ “التضفير البديل” عن النمط الطبيعي، يعد إحدى العلامات المرتبطة بالسرطان.

وعليه، قام فريق بحثي من برنامج بيولوجيا الأورام البحثي بمؤسسة 57357 بمحاولة فهم دور تلك العملية في إحدى أكثر فئات السرطانات الجنينة عدوانية، وهي التي تعرف بـ” الأورام الجنينية ذات الوريدات متعددة الطبقات –ETMR”. وتعد تلك الفئة من الأورام شديدة الندرة، تصيب الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 4 أعوام، ولا تزيد معدلات النجاة فيها عن 20% فقط.

تشير “دينا هشام” وهي الباحث الأول في الورقة البحثية التي نشرت بتاريخ 22 من شهر سبتمبر الجاري في دورية genes :” ما لفت انتباهنا هو أن إحدى أبرز العلامات الجزيئية المرتبطة بذلك الورم هو ارتفاع نشاط الجين LIN28، وهو الذي ينتج إحدى البروتينات المنظمة لعملية التضفير البديل”.

وتوضح أن نشاط بروتين LIN28 وما يترتيب عليه من تغييرات في نمط التضفير البديل قد تمت دراسته في أورام مختلفة أبرزها سرطانات الثدي، بينما “لا توجد أبحاث كافية لفهم دور تلك العملية في الأورام الجنينية متعددة الطبقات” على حد قولها.

ومن تلك النقطة قام الباحثون بمقارنة الحمض النووي mRNA في 9 عينات من أنسجة أورام جينية ذات وريدات متعددة الطبقات بنظيرتها من الأنسجة الطبيعية. جمع الباحثون تلك البيانات من قاعدة البيانات المفتوحة HDBR.

وأظهرت النتائج ارتفاع نشاط قرابة 3500 جين في الأنسجة الورمية مقارنة بالطبيعية، بينما أثر نشاط التضفير البديل على أكثر من 1600 جين في أنسجة الورم. وارتبط نشاط الجينات المعدلة بعدة مسارات خلوية فعالة في الخلايا السرطانية.

بالإضافة إلى ذلك، رصد الباحثون لأول مرة ارتفاع نشاط جين XPO1 في الورم الجنيني ذو الوريدات متعددة الطبقات. إلى جانب تعرضه إلى تعديلات ملحوظة عبر عملية التضفير البديل.

وقد بينت دراسات مختلفة ارتباط نشاط أو تطفر جين XPO1 بنمو أنواع مختلفة من الأورام الخبيثة. ولذلك يعد هدفًا علاجيًا تقوم عدة جهات حاليًا بدراسات سريرية لبحث فعاليته.

تشدد “شاهندة النجار” الباحث الرئيس على الدراسة، ومديرة قسم البحث العلمي بمؤسسة 57357 :” أن تلك النتائج المبشرة هي نتائج أولية، من الضروري التحقق منها عبر تجارب معملية”.

وتنوه إلى صغر كم البيانات المتوفرة عن الأورام الجينية بسبب ندرتها، لذلك “فإن التعاون بين عدة مراكز طبية وبحثية، قد يكون يقدم سبيلًا أمثل لتكوين فهم أعمق عن تلك الأورام، وسبل مواجهتها”.

Journal reference: Hesham, D.; El-Naggar, S. Transcriptomic Analysis Revealed an Emerging Role of Alternative Splicing in Embryonal Tumor with Multilayered Rosettes. Genes 2020, 11, 1108.

Photo credit: “File:Protein LIN28 PDB 2cqf.png” by Emw is licensed under CC BY-SA 3.0​